الاثنين، 27 أغسطس 2012

ومازالت حروفا


حين أبحث عنك في شوارع صامتة ... وفي مدينة صارخة بالدموع .. تحترق بنيران الغربة ... حين أبحث عنك ولادليل ... حين أبحث عنك لأجدني ... لتحدثني ولو بقليل ..أمات الهوي بدروبك ؟... أتاهت عنوانيك علي بابي ... أفضي وعينايا تصرخان بألم باهظ ... حين تمر والكون ساكن وأناديك بليلي .. ببحة صوتي بشكوايا والكل ساخر ... وتمر علي أوقاتي وتزيدها ساعات وتتركني ولاتري مني سوي رفاتي ... اتنقصت كلماتي حتي الوجع ... وصُمت أجزائي تحت ذلك الحلم ... فبت أقضي آهاتي ...

سأكون لك شئ غاب وضيعت وجهاته ... فأنا في واقعي أرفض الواقع والحادث والكاذب والآمر والناهي وعلي هؤلاء سأكسر كل المبادئ الحمقاء ... سأكسر كل الوهن وأنهي كل الترويج للبضائع في الزحام ... سأبني عالمي ويبيت في وأبيت فيه ... أحتمي فيه ساعة الغربة ... ولحظات المطر ... سآوي فيه منك لحظات الغضب ... سأرسل فيه الرسائل مني والي... وروحي معلقة في قوارب غارقة ... تطوف لتغدو بطوق نجاة .... أحبك كلمح البصر ... أخفيها منك حتي أنهي مأساتي .. وعلي ذكراك تخيبني بقايا الصور ... والكلمات وكأنها شئ منكسر من زجاج تحت أقدامي وفي واقعي يحتم السير والتقدم وعدم النظر ... ولن يحكم بالموت علي الجزء حين يهوي الكل البقاء ... بليلك ماذا أصابك ؟؟ ... حين تنعتني بالدنيا ... أخبرك بأن الدنو في الحب غاية للوصول اليك ... والهوي مطلبي فيك يقبل كل الالتماسات ... صارحني من قلبك لهواك ... كيف تسكن الآن وفي طعمي مرارة وفي صدري نار وعلي وجهي غبار وفوق يدايا لم يسقط المطر ... وكيف أخفيك سرا والجوارح تفضحني ... كيف أحبك؟.. وكلك في غلبة الكره مني ... حدثني عنك الآن... أكتب حتي لاأراك أكتب لي أو لغيري... فبعض الكلمات والحروف تشفي العليل وإن كان الدواء ليس خصيصا لمرضاه ... أعقابا أم عذاب أم شئيا من جراحك يشفي حين تقتلني ..., كيف أهجوك الآن وأنا أستجدي شئ لايأتي وكيف ألوم فيك أهلي حين يرسلو بكآبة الحديث عند وقعات من صدي قلمك ... أود أن أعود ... ولكني الآن بلا قدمين ولايدين... أود أن أهواك وأغرق في بحور من كلماتي لكن بحوري جفت وخرس فؤادي ...كيف أنا ؟ والالف في النداء عندك صامتة .... يا  سرا لم يغدو للحنان عنوانا واستبدل للمرارة مكانا ... فيك قول يحرقني وقت المغيب .. حين الصيف ..حين تغص نسمات الهواء في نظرات أناس لا أعرفهم ... في فرحة خبأتها حتي تعثرت بك ... أنتظرك بدموعي في محطة قد تعاهدنا ألا نلتقي فيها ... أجادل الحقائق وأصرخ في وجه وقتي ... وأخاف أن أري لقصيدك عنوان..  وتعبث رسائلك السرية بقرب أطفالي حين لا أملك أطفالا .... كل الرجال تنقصهم أنت وأنت قليل من طفولة تركتها تحتضر بأوراقك ... إلي مسامعك لا تصل كلماتي ... وفي حوافظك أجمع كتاباتي ومن أجلك أهديك كل الابيات والشعر والنثر والابجديات من قبل الحياة وبعد الممات ... تعلم أني أموت بلوحاتك ولكنك لاتهوي سوي الرسم بدون فرشاتي ....إن كان... !!علمني كيف أغيب ولم ينتهي بعد وقت النهار... قل لي كيف يكون الشعراء يوم الميلاد حتي أنهي كلماتي ... وتجرني إلي مدن تملك كل المفاتيح لرجل واحد يبيت وينام ولايسهر أمام المصباح ولاينادي القمر بلياليه المظلمة ... أخاف يوما أن تهوي كالعشاق وتبيت تفكر بليلي وأنا مازلت أنشد فيك أشعاري وماكتبت الشعر وماقلته ولكن لعينيك أبذل كل الوقت والكلمات ... وموتي أمام كل الخلائق بلا ميعاد ... إن قدر لي أن أكون .. ولا تكون... فأمر ربي مابين الكاف والنون... ولقولي حديث لا ينقطع... أسره إليك عن اللقاء بصمت حين يقف المستحيل في كل طرقي ... منك وإليك كتبت وصرخت أقلامي وقتلت كلماتي تحت قدامي أبياتك..  فدعني لما لا يأتي .. وتحياتي ....
سماح محمود

ياسيدي


لست جميلة بما يكفي لأجذب أنظارك ... ولست ذكية بما يكفي كي أبهرك بافتعالتي ..

لست طبيبة ولا مهندسة ولا مدرسة ولا استاذة بالجامعة وأديبة ولا شاعرة ولا مثقفة و لست ناشطة سياسية أو مفكرة غربية ... لست الورد الاحمر ينزلق فوق وجناته الندي ... لست صورة تعلقها علي جدار ضحكاتك الساخرة .. لست مقطوعة تعزف عن الغروب ... لست أحجية تقص علي الصغار ... لست رواية قديمة ولا حديثة ... لست قصيدة ولا بيت مثقول ... لست الستائر تهتز بجانب الشرفات ... لست قمرا ولاشمسا ... لست بحرا ولانهرا .. ولا قارب ينتظر مسافريه ... لست رحلة في قطار .. لست موعد زائف ... فاتر تحت المطر .... لست رداء أحمر .. لست قفازا ناعما ... لست نافذة تبعثر عليها أنفاسك ... لست هاتفا ... لست رسائل مبللة بحروفك ... لست الكلمات ... لست الابيات ... لست الايحاءات ... لست المفارقات ... لست الذكريات ... لست قميصك ترتديه حين تطرق أبواب الوجاه .. لست خاتم ... لست ساعة .. لست سيجارة ... لست عود ثقاب ... لست دفترا .. لست قلما ... لست حقيبة سفر ... لست تذكرة ذهاب ... لست فرضا .. لست واجبا ... لست حراما ... لست حلالا ... لست أديانا .. لست مدننا ... لست شوارعا ...لست صمتا .. لست ضجيجا ... لست قهرا ... لست ذنبا ... لست وطنا ... لست حلما ... لست كذبا ... لست صدقا ... لست كبرا .. لست غرورا ... لست فراغ ... لست هباء ... لست نجمة ولاسحابة كآبة ... لست سرا ولست علنا .. لست وهما ولست حقيقة ..

لست أمر ولا نهي .. لست فعل ولا ردة فعل ... لست طريق ... لست جنة .. لست نار .... لست كذلك أو كتلك ... لست أنا هي ياسيدي ...

أنا قليل من ضفائر شعر أسود ... منسدلة فوق حقيبتي المدرسية ... أنا موعد مع طفولتي لن ينتهي ... حين يدق طابور الفرحة صباحا .. أركد متأخرة كعادتي ... لأعانق زهر أحلامي مزروعة فوق السحب تنادي البسمة في عيوني ... أنا لست منهن ولا منكم .... حمقاء ... أسرع من التسرع  هوجاء ... أنا من أخطئ وحين الخطأ أبكي للجدار ... أنا من أرتدي في الصيف وفي الشتاء نفس القناع ... أنا في جعبتي لاشئ ... أنا صحيفة في مهب الريح .. ألقاها مقهي تلك القرية البعيدة ... أنا ياسيدي .... أحمل لك برقية بدعوة شتوية ....ياسيدي .... 
إنها دعوة لارتشاف قليل من ذكريات ... 
ياسيدي ...
الفنجان يحترق لدفئ الشتاء ....
سنفتقد اليوم حبر أقلامك ... 
ياسيدي ... 
موعد اللقاء فاتت دقاته .. فغادر مدن الانتظار ... 
ياسيدي .... توقيعك ..

 

لقاء



قبل بداية العيد ارتدت محطة قطار العاصمة .. وياسيدي : - " كم عدد التذاكر في تلك النافذة وماهو ذاك القطار الذي يغادر مساءا ويصل إلي دروب الوطن من عيون الشمس الباردة .؟ ".......

يدق مساء العاشرة .. وأنا علي وجل .. وجل يعقبه فرحة في قلبها قلق جميل .. كعمر ارتدي ثوب طفولة هاربة في النسيان ... وذكريات تحزم في حقائب شفافة ..كي تخترقها الشمس فتنشر النور علي وجوه الغرباء ... الموعد تأخر كثيرا والقطار ينقصه عمر ونصف .... والزحام كلألأ الموج يتأرجح علي قلبي .. والهاتف يدق "متي تقبلي ردي.؟" ...

وهناك مقعد مثقل بجلسات كثيرين من مسافري الأفكار .. والليل بهيم ... ملئ بضي نجوم بعيدة ... والنوم له سلطان علي صفحات الأحلام .. لكن قد حان موقت ضياء الفجر ... والسماء تشتد عليها بقع الشمس الحمراء .. وتصير شقوقا وتنفرج من مطويات إلي ستائر ذهبية .... والشمس مازالت مختنقة في صدر السماء وكأنها تحبسها حتي يتم القمر وصوله إلي مثواه الأخير ... وتدق الساعة كما أنها لم تدق من قبل ذلك الحين البعيد ... والقطار يشهق "هنا اللقاء"....

والرجفة شئ لا يخفي فوق وسائد فارهة من صنع تلك المدينة .. والجلوس حد ذاته تنفجر منه عبرات وبسمات وترقب ..

فتتسلل أوتار البسمات فوق الشفاه دون استئذان ..وحين الموقع الجغرافي من تلك العربة الذي يبعد عمرين من الامام وعديد من الخلف .. كانت معانقة سرقتها الايدي وهربت .. تاركة قفول تماسك لا تٌفتح .. هو عمر مكتوب فوق سطور هذا  المشهد ... فيصفق الجمهور ..كي يفرغ المسرح ... ليمتلئ بصور المارين الحائرين بأسئلتهم .. بأحبارهم الرمادية بكل العند يُفرغ فوق أصواتهم ...

وكأنا مابين "لام "... قد ألفت "ألفا"... لإزدواج .. لإختراق ..لإعتراف ..لإكتمال ... لا أدري ... فيفرغ الكل حوافظه خلف نظارات العمر الباهتة .. فيصمت الصمت ويحكي الكلام عن شئ يختبئ خلف تلك النافذة ... فيتقطر مطر الحياة فوق يدان لم تعرف سوي الجفاف .... فهذا موت آخر ..قد أينعت بوادره يود أن يسكبنا مرات في الممرات ولا يرجعنا ...

ماذا يكفي كي أملأ هذه الورقة التي تبدأ ولا تنتهي ... وتلقي باللوم علي فراش الحبر الساخر ... صامدة في وجوه النسيان ..قاهرة سنوات الشجر النائم ... ويعصي القلم أي مراوغة جديدة .. فيهرب ليختبئ في صفحات وجهك ليغطي منها الغربة المدفونة في جفونك ... قد كان لنا اللقاء مرة تحت السماء .. حين بكت السماء ...كما الليل ينسي أن يجفف عبراته خشية أن يبلل مناديل الملكة القمرية ...

يجمعنا اسم واحد بدايته الابجدية العربية ونهايته أبجديات العالم المنسية ..

- " ياسيدي خذ هذه الحقيبة علي عاتقيك ..بها كثير من الايام والحكايا والشرنقات الصغيرات" ...

وفي شارع المدينة فتاة يقودها العمر الي وطن غريب حتي تبقي علي ضفاف العيد ..

_ " أيمكنك أن تنتظر قليلا .؟ .. فإن أحمالي ثقيلة وأنا مثقلة فرحا وقدمايا تقف علي دقات الساعة " ...

_ "هات هذه وتلك فالناس هنا يعلمون أني أحبك ألف مرة واسترق الأنظار مرة "....

_"متي سنصل .؟"..

_ " النجم يقول أن المسافات لاتقطع بقطعة خبز ساخنة ..أو كوب من الحنان الدافئ ... لذا سأعود حتي أنتقي لي ولك مكانا واحدا .." ...........

واسترسل الطريق حتي أتي بنهاية الحديث .. وبات الوقت يحتضن دمية قديمة ... وانقسم الطريق لونين ...

أنا سأنسي كل شئ وأبيع ملابسي وأفرغ حقائبي كي أبحث عن كتاب يرفض أن يخرج لأن الشمس قد غابت .. أنا هو ذلك المغيب القصير ... أتجلي فوق سلاسل الغيم حتي أكتب آخر قصائدي عن اللقاء والوداع وكفي ........

سماح محمود

 

 

الذاتية شئ لا يفضح


الوقت مريض يلازم الفراش وأنه سيموت اليوم أو غدا أو الأسبوع القادم ... وأنا أخاف ألا أرتدي فستان العيد وألا أقابلك صدفة في أحياء مديتنا الكبيرة .. المطر يتناثر من قطع الثلج القطنية .. وفوضي السلاسل تسجل عنوانا آخر ... تتساقط اللآلئ من عينيك فتملأ الأوراق وسجلات الميلاد ... فتطفو الكلمات ويغرق الحبر .. إن الغاضب يصرخ في الميدان وأنا أريد أن أصرخ ولكن القلم ساكن.. هادئ.. ميت .. نعم أريد أن أصرخ ويعلو صوتي فوق صوت المدافع .. فوق صوت الغارات التي تعوي كل مساء .. إن التجبر في علو الصوت وأنا أريد أن أتجبر فوق الحرب وملايين ممن يشربون الدماء ..

الشعر المجعد واللون الاسمر حكاية لم ينفض عنها التراب ..والساعي يطرق "إنه خطاب"... "ممن ياطارق الباب.؟".. فلم أجد سوي الخطاب ...." زوجك مطلوب في واجبات دفاعية"... وأنا امرأة بلا رجل بلا وقت بلا سهر .. لعله لجارتنا , لكنها ماتت وزوجها أيضا قد اغتاله كرسيه المتحرك .. لعله لصاحب الفناء المجاور !!... لكن المنزل مجهور منذ ألف عام .. أنا لا أدري عله كان خطأ مقصود .. الشمس ذابت في دمائنا .. وبقايا الحرب راكدة في قاع كوب ذي رائحة عطنة .. وسيتقدم "الموفد "... ببيان لهؤلاء اللا جئين الذين لا يعرفون معني الهوية التي سرقت كي تسقي الارصفة والشوراع الغريبة ...

"أنا دائما كلماتي لا تعجبك .. هي أيضا لا تعجبني"  ..فأنا فراغ هائم فوق أسطح المنازل يراقب الطائرات حين تصغر.. ويفر حين تكبر ..إنه الجبن يرافق فراغ ..

أتدري أنك جميل وأنت بعيد هكذا ...فأنا أري منك صورا و كلمات وفقط ... أنا أكره الغموض .. لكنه لا يكرهني ولا يرفضني .. وأكره الحرب لكنها توسعني ضربا حجة الحب في التحرر لي ولبلادنا العربية .. وأكره الألوان الفاترة لأنها لاتثور ولا تموت ... والآن الغياب غيابان "لأنك في مدرسة الضعف المضاعف "... أتدري لماذا أنا فقط يتملكني الوهن ولا أعرف سوي أن أكتب وأن أسرق القلم دون علم والداي ... .؟ لأني سأموت .. أما الكلمات فإنها لاتموت ...

صدقني لست أنت المقصود .. فأنا أريد وطنا خاليا من الصراخ والضجة والفوضي واليتم والخلافات الزائفة ...

فيه يشد انتباهي ساعتها رجل يتحدث عن مجد قديم ويدفن مذكراته في تربة مجد جديد .. ماكل هذا الهراء .؟.. إنه قول الشعراء ...

أنا أحتاج صمتا كافيا كي أرتب انفعالاتي وأضعها في مكتبتنا الكبيرة .. لكني كلما أعدت النظر إليها ..تبعثرت واشتد الغيم وذرفت المدامع فوق القبور البعيدة ذات اللون الترابي ...

لي صديقة شاحبة الملامح مليئة بشظايا النار ترقص فوق جسدها ... تبيع الخبز للمارين وابنها يصرخ علي كتفها ... والده قد مات ليلة زواجها منه ... كانت تحبه ..نعم .. لكنها قد نسيت حقيبة ملابسها في منزل والدها ..

_"سأجهز لك القهوة .".. "لكن أرجوك امتنع عن دخان سجائرك اليوم" ...           

_"ألا تعلمين أني رجل ولابد أن أحرق يدي كي يستشعر قلبي .؟ !!..."...

ياأبي:-  " لقد أخبرني ابن الجيران ..أن المصابيح تضئ والشمس تضئ والنجوم تضئ والقمر أيضا ... حتي النار تضئ .. فهل هذا صحيح ياأبي .؟.. "نعم صحيح ".... "إذا لماذا أنا في سواد دائم وعيناي لا تضئ .؟ !!.."

أنا أريد سفرا بعيدا ..بعيدا عن حكايا الجدة ... بعيدا عمن أعرف ..بعيدا عمن أشتاق .. بعيدا عن كل القصص والروايات ... بعيدا عن كل المصابيح المنهكة في شوارع "باريس" القديمة ... بعيدا عن كمان "درويش",, و"دنقل"... بعيدا عن كل الأوتار ... لكن ليس هناك بلد يقبل جواز سفري ... لأنه بلا هوية .. وأنا لا أعرف ما الهوية !! ... وأبي لم يعلمني في مدارس أجنبية .. وأمي لم تطهو لنا الحساء كي نجوع لوطن بدايته قطعة خبز ونهايته رصيف بارد ...

يدق رجل ضخم أبواب الليل بدقات منتظمة ولا ينطق ... ولا نفتح لليل حتي لا يدخل النهار .. فيظل يدق وكل دقة تزيد الليل طولا وسوادا ... وأنا وأخوتي فوق الطين يرتعد الأمل فينا ويموت الحب فينا ونلتصق والجدران.. فيذوب الرجل في ملامحنا وتبتلعه أفواه الطرق العميقة ... والباب لا يدق بعدها أبدا ...
..........................
يدخل زوجي علي فيجدني ملقاة بين أوراقي فيوقظني ... فيسقط اللون الزهري من فوق النافذة ... ويسألني "..ألم تنامي منذ البارحة .؟.. فلا أجيب .. وأنظر إلي وجهه فلا أعرفه .. فأغادر الصمت مسرعة .. فأعود فلا أجده .. فأبحث عنه في كل خزانات أفكاري ورواياتي ..فلا أجده ... وبعدها يفاجئني بفنجان قهوة لا سكر فيه.. وقطع الخبز الإيطالي .. ويسألني ألا تريدين سكر هذه المرة أيضا .؟... فلا أجيب ... وحين أغادر الصمت مسرعة ..فأعود فلا أجده ... فأنظر إليه وينظر إلي فيما وراء النسيان وليالي السهاد البعيدة وارتشف منه نظرة ويليها رشفة من القهوة .. لأنها لم تعد مرة الآن ... ولا يسألني ولا أجيب ويموت الكلام .. وأنظر إلي مقعده أمامي ... ولا أجده ...............
سماح محمود

الثلاثاء، 15 مايو 2012

أقصر من ساعة


"أقصر من ساعة"

حين يكون الملل هو ذلك الحليف ... الصديق الصدوق الذي تود ان تفر منه و كأنك تفر من النار الي الجنة ... حين يكون الملل في كل شئ ... في اللالوان في الاشكال في الكلمات في الحروف في الوجوه في الاصوات في الاحداث في الملامح في الهواء في الماء في ذات الصباحات وذات المساءات  ....
التغيير شئ جيد والجميع يحتاجون اليه .. ولكن كيف ومتي واين .؟
قرأت ليس من بعيد قصة لد.مصطفي محمود ... تدعي "الشئ المجهول ".... كان يرسم فيها كيف يكون الملل .. حتي أن الملل وكأنه يخرج من الكلمات ويقول هذا أنا .... وفي النهاية ... قد أصاب سهمه الي نقطة أنه لابد ان يكون لكل منا هدف يحارب من اجله يبارز الوقت ليفوز بكأس مرصع بلؤلؤ النجاح ... كم هو جميل ... لكني مازلت أشعر بمنتهي الملل ... حتي من هذه الكلمات ... ربما أنت أيضا قد تترك هذا الشئ الذي يشبه المنوم الذي يصيبك بالصداع كي تستطيع النوم ...
ان طرقنا باب السياسة او الفن او الادب او العلوم .... لوجدنا ماهو جدير بالانتباه وكسر ضلوع الملل وتقليب سكر الخمول الذي يركد في قاع كثير من عقولنا ... لكن ربما ... يبدأ أيضا ذلك السارق الغريب في التسلل الي هذه الحروف وسرقة ابهي مابها ... ربما يسرق نقاطها او بعض الايحاءات الاملائية .... فيجعلها لا تفتن ولاتجذب اي مار بها ...
الحقيقة ... وليس الواقع ... لان الواقع شئ والحقائق اشياء اخري ....
ان هناك الكثير قد ضيع هويته ... فصار يتخبط يمينا ويسارا وفي المنتصف ... ولا يدري من هو وماذا يريد ...
أما الواقع فهو هؤلاء مفقودي الهوية هم أهم من يكون .... يمكنهم بكلمة أن يحركوا دولة بأكملها أو يوقفوها تماما ...
جزء آخر من الواقع ... واقع التخبط ... الذي أضحي هو مؤنس الجميع ليلا وحاكيهم نهارا ... حين تري أشخاصا يصرخون فوق المنصات وآخرون يدحرجون الكلمات من أسفل المناضد ... ليس الهدف من تلك الكلمات الغوص في بحار الظلمات ."السياسية".... وانما أردت تفقد بعض المناطق المظلمة ... فالسارقون هذا الايام كثر ... ربما قد أختفي زورو ... أو الرجل الخفاش "باتمان "... أو تم احتباسهم لدي "الجوكر"... أو بعض الجنود مجهولي الهوية ...
حسنا ... ماهو الفرق بين البارحة واليوم .؟
اختلاف الالوان !! ... النتيجة واحدة ... اللون الاحمر صاحب المركز الاول قد فاز بدون منازع ... أما بالنسبة للاخضر فهو لون الخلفية ... التي لاتتغير  أبدا وتروي كل يوم لينبت فيها الكثير والكثير من الاعشاب الخضراء ... الازرق لون السماء ... ولكن اللون الغامق حين يحل الظلام وتعوي الذئاب وتسكن الفئران جحورها ... ليسود الماضي الازرق ذو الدرجة الغامقة ....
فتظهر الشمس بلونها البرتقالي .... فيحتمي بها كل من علي الارض ... ليست المشكلة في أنهم وجدوا من يحتموا به ... وانما مابال هذه اذا أفلت ... أو غطاها الماضي الازرق ..!!.
دعك من تلك الألوان مارأيك برحلة من رحلات العلوم الحديثة ..؟.. وكأني أسمع الرفض من جنبات هذا المخطوط ....
لا عليك ..انه حقا ملل ويثبت جذور الخمول أكثر ...
مر شخص من أمامي .. فسألته مابك .؟ قال لدي امتحان في مادة علمية .. وأنا أموت مللا ولا أستطيع أن أسكب كلمة واحدة في عقلي .. فسألت هل من أسباب ... أجاب بلا تردد .. لا .... اذا ما المشكلة .؟ امتلأ وجهه بعلامات الاستفهام التي لها بداية وليس لها نهاية .... بعدها دحرج الصمت وغادر ... رجع بعد عدة ساعات وقد بدت عليه علامات المبتسم ... لم أسأل .. فقد رماني بسهام اجابته .... "نظرت الي الساعة فوجدت انه لم يعد هناك الكثير فامتطيت جواد قلمي وانا كاره لرمال تلك المادة العلمية التي تضايق نظري .... ولكن تحملتها حتي انتهيت ...
هكذا اذا فلسفة التأجيل ... لا مبالاة الوقت ... قد تغرق العالم في بحار الاخطاء المتلاطمة ... الوقت يداهمنا ...
ونحن مازلنا ندرك انه مازال الوقت مبكرا .... النهاية قربت ومازلنا في البداية ... العمر أقصر من ساعة ... والوطن أقصرمن غمضة عين وانتباهها  ... والقطار لاينتظر أحد ... ان جعلت الملل فريسة لعقارب الساعة ... ستنجو من أوهام الخمول وتكرار الحياة السريعة ..... فقط باشغال الوقت بما يستحق وبما يفيد ... حتي لاينشغل بك شخصيا ويجعلك تتجرعه لحظة بلحظة .... 
"سماح محمود "